كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه جالسا في المسجد فمر به رجل فقال: “ويل لك يا عمر من عذاب النار”. فقال عمر:
قربوه الي فدنا منه فقال: لم قلت ما قلت؟ قال: تستعمل عمالك وتشترط عليهم ثم لا تنظر هل وفوا لك بشرط أم لا؟ قال: وما ذاك؟
قال: عاملك على مصر، اشترطت عليه فترك ما أمرته به وارتكب ما نهيته عنه.
فأرسل عمر رجلين من الأنصار ليستعلما عن صحة قول الرجل. فذهبا فسألا عنه فوجداه قد صدق. فاحتملاه وأتيا به عمر.
فلما أتاه سلم عليه فلم يعرفه وقال له: من انت؟ وكان رجلا اسمر، فلما أصاب من ريف مصر ابيض وسمن فقال: أنا عاملك
على مصر، أنا فلان. قال عمر: ويحك. ركبت ما نهيت عنه وتركت ما أمرت به، والله لاعاقبنك عقوبة أبلغ اليك فيها. ثم صاح:
آتوني بكساء من صوف وعصا وثلاثمائة شاة من غنم الصدقة ثم قال له: البس هذه الدراعة فقد رأيت أباك وهذه خير من
دراعته، وخذ هذه العصا فهي خير من عصا ابيك، واذهب بهذه الشياه فارعها في مكان كذا، وذلك في يوم صائف ولا تمنع
السابلة من البانها شيئا إلا آل عمر. فلما ذهب رده وقال: افهمت ما قلت؟ فضرب بنفسه الأرض وقال: “يا أمير المؤمنين
لا استطيع هذا، فإن شئت فاضرب عنقي”. فقال عمر: “فإن رددتك فأي رجل تكون؟” قال: “والله لا يبلغك بعدها إلا ما تحب
”. فرده، فكان نعم الرجل