[رويَ أنّ حَمَل بن مالك بن النابغة الهذلي، مرَّ بأُثَيْلةَ بنت راشد وقد رفعت برقعَها عن وجهها، وهي تهش على غنمها، فلمّا أبصرها ونظر إلى جمالها أناخَ راحلته ثم عقَلَها، ثم أتاها، فذهب يُريدها عن نفسها فقالت: (مهلاً يا حَمَل!! فإنك في موضع وأنا في موضع، واخطبني إلى أبي، فإنّه لا يردّك)... فأتى عليها، فحملتْهُ فجلدَتْ به الأرض وجلست على صدره، وأخذت عليه عهداً وميثاقاً أن لا يعود، فقامت عنه...
فلم تدعه نفسَه فوثبَ عليها، ففعلت به مثل ذلك ثلاث مرات، وأخذت في الثالثة فِهْراً حجراً فشدختْ به رأسه، ثم ساقت غنمها، فمرّ به ركبٌ من قومه فقالوا: (يا حَمَل مَنْ فعلَ بكَ هذا؟)... قال: (راحلتي عثرت بي)... قالوا: (هذه راحلتك معقولة، وهذا فهرٌ إلى جانبك قد شُدِختَ به؟!)... قال: (هو ما أقول لكم، فاحملوني)...
فحملوه إلى منزله، فحضره الموت فقالوا: (يا حَمَل ! من نأخذ بك؟)... قال: (الناس من دمي أبرياء، غير أثيلة!!)... فلما مات جاءت هذيل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: (إن دم حَمَل بن مالك عند راشد)... فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه فقال: (يا راشد إن هذيلاً تزعم أن دمَ حَمَل عندك؟)...
وكان راشد في الشرك يسمى ظالماً، فسمّاه الرسول صلى الله عليه وسلم راشداً فقال: (يا رسول الله! ما قتلت!)... قالوا: (أثيلـة)... قال: (فأما أثيلـة فلا علم لي بها)... فجاء إلى أثيلـة فقال: (إن هذيلاً تزعم أن دمَ حَمَل عنـدك)... قالت: (وهل تقتل المرأة الرجلَ؟!)... ولكن رسـول اللـه صلى اللـه عليه وسلم لا يُكْذَبُ، فجاءتْ فأخبرت النبـي صلى اللـه عليه وسلم فقال: (بارَكَ الله فيك)... وأهدر دَمَهُ