تفسير سورة النحل - الآية: 1
(أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون"1")
أي: أنه العليم بزمن وقوع كل حدث، وقد ثبت التسبيح له ذاتاً من قبل أن يوجد الخلق؛ فهو القائل:
{يسبحون الليل والنهار لا يفترون "20"}
(سورة الأنبياء)
ثم خلق السماوات وخلق الأرض وغيرهما. أي: أنه مسبح به من قبل خلق السماوات والأرض، وهو القائل سبحانه:
{سبح لله ما في السماوات وما في الأرض .. "1"}
(سورة الحشر)
ولكن هل انتهى التسبيح؟ لا، بل التسبيح مستمر أبداً، فهو القائل:
{يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض .. "1"}
(سورة الجمعة)
إذن: فقد ثبتت له "السبحانية" في ذاته، ثم وجد الملائكة يسبحون الليل والنهار ولا يفترون، ثم خلق السماء والأرض، فسبح ما فيهما وما بينهما؛ وجاء خلقه يسبحون أيضاً ـ فيا من آمنت بالله إلهاً سبح كما سبح كل الكون. ولقائل أن يسأل: وما علاقة "سبحانه وتعالى" بما يشركون؟ ونعلم أنهم أشركوا بالله آلهة لا تكلفهم بتكليف تعبدي، ولم تنزل منهجاً؛ بل تحلل لهم كل محرم، وتنهاهم عن بعض من الحلال، وتخلوا بذلك عن اتباع ما جاء به الرسل مبلغين عن الله من تكليف يحمل مشقة الإيمان. وهؤلاء هم من سيلقون الله، وتسألهم الملائكة: أين هم الشركاء الذين عبدتموهم مع الله؟ ولن يدفع عنهم أحد هول ما يلاقونه من العذاب.
وهكذا تعرفنا على أن تنزيه الله سبحانه وتعالى ذاتاً وصفاتاً وأفعالاً هو أمر ثابت له قبل أن يوجد شيء، وأمر قد ثبت له بعد الملائكة، وثبت له بعد وجود السماوات والأرض. وهو أمر طلب الله من العبد المخير أن يفعله؛ وانقسم العباد قسمين، قسم آمن وسبح، وقسم له يسبح فتعالى عنهم الحق سبحانه لأنهم مشركون.